سعودي الجنسية يسكن في إحدى القرى بمنطقة الرياض عمره 57عاماً ، بدأ قبل تسعة أشهر يحس بسعال خفيف لم يلق له أي بال لكن السعال ما لبث أن تطور ليتكرر طوال اليوم، ولم يكن يصاحبه أي أعراض أخرى فلا يزال يحس بنشاط وحيوية وشهية جيدة للأكل.
وبعد عدة أيام لاحظ حمد بعض نقاط الدم الأحمر في البلغم وتأكد له ذلك بعد تكرر المشهد مع أكثر نوبات السعال التي تصيبه أحس بالذعر والخوف ، وبدأت الوساوس تغزو فكره لكنه طمأن نفسه بأن هذا لابد أن يكون نزلة برد تزول بعد أن يعطيه الطبيب نوعاً أو نوعين من الأدوية أو المضادات الحيوية.
ذهب إلى عيادة الطبيب العام وبعد الفحص طمأنه إلى أن هذا ربما يكون التهاباً بسيطاً في القصبات الهوائية وللاطمئنان يحتاج الأمر إلى أشعة للصدر.
بدأ الطبيب ينظر إلى الأشعة ويقلبها ويتمعن فيها وأثناء ذلك سأل حمد هل تدخن؟ أجابه بأنه يدخن علبة إلى علبتين سجائر في اليوم وذلك منذ أن كان في العشرين من العمر فأعاد الدكتور النظر إلى الأشعة وهنا بدأ قلب حمد يخفق وبدأ تنفسه يضطرب. وش فيه يادكتور؟ وش فيه ؟
هناك أاشتباه بوجود التهاب رئوي أو ورم في الرئة وتحتاج إلى تحويل للمستشفى لمزيد من الفحوصات : أشعة أخرى للصدر من الجهتين، تحاليل دم وبلغم، أشعة مقطعية، وأشعة صوتية للبطن وأشعة صوتية للقلب وتخطيط للقلب، ثم منظار للرئة ثم عملية لأخذ عينة من الغدد العنقية ثم تلتها عمليات أخرى وبعد ذلك ظهرت النتيجة بعد أسبوعين من التحاليل والفحوصات الطبية داخل المستشفى. إنه سرطان الرئة وقد وصل إلى مرحلة متأخرة وانتشر إلى الكبد وخنق الأوردة العنقية وسبب شللاً في أعصاب الحبال الصوتية والحجاب الحاجز وهو من النوع الذي لا يمكن استئصاله جراحياً، كما أن الأشعة العلاجية قد لا تفيد فيه شيئاً، أما علاجه بالأدوية الكيميائية فقد يساعد قليلاً لكنه يحمل أعراضاً جانبية خطيرة.
وفي المستشفى بدأت رحلة العلاج المريرة فقد بدأ يتردد على جلسات الأشعة لتقليص الورم وتخفيف ضغطه على أوردة العنق، وبدأ يأخذ دورات العلاج الكيماوي مع كل المشاكل المصاحبة إلى درجة أنه لم يستطع إكمال الدورة الأولى .
جلس مع الطبيب المعالج وقال له وحتى إذا لم نتمكن من عمل شيء فيمكننا أن نهتم بكل ما تحس به من ألم أو سعال أو ضيق في التنفس.
فقال حمد: " لقد تركت الدخان يا دكتور منذ دخولي المستشفى".
الدكتور وحمد يعلمان أن هذا القرار جاء متأخراً جداً ، بعد ستة أشهر من المعاناة الشديدة والأوجاع الرهيبة وفقدان الشهية وصعوبة الأكل ونقص الوزن إلى حد العجاف انتقل حمد إلى رحمة الله وترك خلفه عائلة تضم 11شخصاً ((رحمه الله )).